في مقال بعنوان “الأسرة أولاً: التخدير والتقدير” للاستشاري الأسري الدكتور محمد رشيد العويد حيث يقول:
ليتنا نستشعر الألم الذي يحسّ به مريض تُجرى له عملية جراحية دون تخدير !
ولاشك أيضاً في شدة الألم الذي يشعر به مريض يقوم طبيب الأسنان بحَفْر ضرسه لإزالة التسوّس الذي أصابه، دون أن يُخدِّره !
إن هذا يُشبه كثيراً قيام إنسان بانتقاد إنسان آخر دون أن يبدأ أولاً بذِكْر محاسنه وإظهار تقديره له، فيتسبب في إيلامه وإحزانه وإحباطه !
ولعلّ حديثه (ﷺ) في مقدمة الوصايا بشُكر الناس، الشُّكر الذي هو أهم وسائل التقدير، تقدير الآخرين لما قدّموه لنا وفعلوه من أجلنا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (ﷺ) قال: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله). صحيح الجامع.
ولقد أكّد علماء النفس وغيرهم أن الحاجة إلى التقدير في مقدّمة الحاجات الإنسانية الفطرية؛ فقال ويليام جيمس: (إن أعمق حاجة في الفطرة الإنسانية هي التماس التقدير).
وفي هرم ماسلو الشهير للاحتياجات الإنسانية كانت الحاجة إلى التقدير ضمن الحاجات الخمس التي اختارها، وكان منها أيضاً الحاجة إلى الأمان والحاجة إلى تحقيق الذات .
وذكر العلماء أن في مقدمة ثمرات التقدير أنه يُحفِّز العاملين إلى إجادة أعمالهم، ويدفعه إلى بذل مزيد من الجهد فيها، ويُشَجّعهم على الابتكار.
وإذا كان الناس عامّة يحتاجون إلى التقدير فإن الزوجين أشدّ حاجة إليه في حياتهما الزوجية، فهو يَقِيهما النّزاع، ويُقرّب بينهما، ويُثَبِّت المودّة في قلبيهما.
وفقدانه يُباعِد بينهما، ويزيد في نزاعاتهما، ويزرع الغضب والبُغض فيهما.
وعلى هذا فإن المرجو من الزوجين أن لايوجّه أحدهما إلى الآخر أي نقد، بل حتى أي نصيحة، قبل أن يُعبّر عن شكره له، ولما يفعله من أجله، لأن النقد قبل التقدير مؤلم، والنصيحة قد لا تكون مقبولة قبل إبداء الشكر لأي شئ.
بل حتى أسلوب النُّصح ينبغي أن يكون رفيقاً لطيفاً ناعماً، حتى يستقبله الآخر برضا واهتمام، فلا يضيق به، ولا ينزعج منه.
حتى لاتنسوا التقدير قبل النصيحة؛ تذكّروا المريض الذي يطلُب التخدير قبل الجراحة.